الصفحة الرئيسية  اقتصاد

اقتصاد كل التفاصيل حول مكتبة الموارد العلمية الفلاحية BIRSA وكيف تساهم في تطوير الفلاحة... بقلم الدكتورة أمينة الحبشي

نشر في  04 فيفري 2019  (10:16)

بقلم الدكتورة أمينة الحبشي

باحثة في التراث المكتوب وعلاقته بتكنولوجيات المعلومات

مؤسسة البحث والتعليم العالي الفلاحي

مكتبة الموارد العلمية الفلاحية  BIRSA  هي منظومة  توثيقية  رقمية  جديدة  أنجزتها مؤسسة البحث و التعليم العالي الفلاحي (بوزارة الفلاحة و الموارد المائية والصيد البحري )، حتى تكون رافدا جديدا   للإستراتيجية  الوطنية المعتمدة  في مجال  تكنولوجيات المعلومات و الاتصال (Tunisie Numérique 2020) وتجسيدا واضحا للرؤية المستقبلية لقطاع الفلاحة والصيد البحري.

فهي من الوسائل التي  تمكن بلادنا من الانصهار ضمن منظومة رقمية عالمية  تتضاءل فيها الفوارق الرقمية ويتيسر فيها التبادل المتكافئ  للخبرات والمعارف ونتائج البحوث. 

فالهدف الأساسي من الانضواء تحت هذه الإستراتيجية الوطنية هو جعل الفلاحة والصيد البحري قطاعا حيويا وحديثا يحظى بأولوية مطلقة في سياسة التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومنتجا ومشغلا وحافزا للاستثمار ولتحقيق الأمن الغذائي. خاصة وأن المجتمع التونسي اليوم أصبح متخوفا يتساءل حول  وفرة  المواد الغذائية أو ندرتها في الأسواق.  والسؤال المطروح في هذا الإطار: 

كيف تساهم منظومة البحث  العلمي  الفلاحي في  تطوير الفلاحة؟

تعد هذه  المكتبة من  وسائل الخلق و التطوير التكنولوجي الذي يساهم في دمج  القطاع الفلاحي  بالبحث  العلمي. هذا الدمج ينتج الأفكار والمقترحات ويعمل على ربط نتائج التجارب  المحلية  بالتجارب  العالمية حيث توصلت العديد من البلدان المتخلفة سابقا   إلى حل نهائي. 

هذا الحل سبقتنا إلى إتباعه أمم عديدة وحققت من خلاله،  ليس فقط الوفرة و الاكتفاء الغذائي، وإنما كذلك التحكم  التام في  مسالك توزيعه. فوفرة الإنتاج  و الأمن الغذائي المنشود هي أهداف لا يمكن تحقيقها دون بحث علمي و مراقبة علمية وكذلك دون توزيع محكم  و إحصائيات ثابتة  و محينة باستمرار.  

 وللتعريف بمنظومة مكتبة الموارد العلمية الفلاحية  فهي بوابة توثيقية انطلق العمل بها رسميا يوم 16 فيفري  سنة   2018  وذلك  بعد 5 سنوات من العمل المتواصل، انكب خلالها فريق العمل المتكون من إطارات وخبرات تونسية صرفة (مكتبيي ومكتبيات  كافة مؤسسات البحث والتعليم العالي الفلاحي و مهندسين في الإعلامية). وبالرغم من الاعتماد على تطبيقات مفتوحة المصدر  وباعتماد تكلفة زهيدة،  نجحت مؤسسة البحث والتعليم العالي الفلاحي نجاحا تاما في جعل هذا المشروع حقيقة ممكنة و ملموسة.

وتعمل هذه المنظومة الرقمية على تجميع ومعالجة وحفظ  الإنتاج العلمي والتراث الوطني الفلاحي المكتوب. وفي ذلك تثمين لنتائج البحث الفلاحي وتيسر للوصول إليه و بالتالي  فهي تساهم  في تطور البحث العلمي الذي هو أساس التنمية و التقدم.

ولقد جهزت  هذه  المكتبة  الرقمية  بأدوات تقنية  تجعلها قادرة، ليس فقط  على تجميع المنتوج العلمي الفلاحي التونسي على امتداد فترة طويلة وإنما كذلك على إنتاج المحتوى  ونشره وحماية حقوق مؤلفيه. وبذلك تثمن نتائج الأبحاث الوطنية و تنتج المعرفة و يحفز الذكاء الجماعي التونسي .

 فهي تعتبر أداة  لدعم البحث العلمي  الفلاحي الذي يؤسس لقطاع فلاحي متطور ذا إنتاجية مرتفعة.  وإذ تساعد على  ابتكار تقنيات حديثة تتلاءم مع نظم الإنتاج المتداولة، توضع  علي ذمة الفلاحين لتحقيق  شراكة متينة بين البحث العلمي والمهنة .

وتحتوي  هذه البوابة الرقمية على فهرس موحد للأرصدة الوثائقية ل23 مكتبة مختصة في المجال  الفلاحي  ومخزن رقمي للمنشورات  العلمية الرقمية و دوريات علمية و بنوك وقواعد معطيات  لناشرين عالميين لفائدة قطاع البحث  والتعليم  العالي الفلاحي الوطني بحيث يمكن الاطلاع على:

  • 80000 كتاب تلخص عصارة التجربة الفلاحية  و الطب البيطري منذ أقدم  الحضارات التي تعاقبت على البلاد التونسية   إلى اليوم.  ويعود  أقدم  كتاب  إلى سنة 1576 م ؛
  •  3000 مقال علمي تعمل في مجملها على تجديد وتحديث نتائج البحث العلمي التونسي وربطه بنظيره العالمي.
  •  8000 رسالة جامعية تعالج مجالات موسعة في البحث العلمي الفلاحي مع  التأكيد على خصوصيات الزراعة التونسية.

وترتبط هذه المكتبات بمعاهد  ومؤسسات البحث و  التعليم العالي الفلاحي كمعهد البحوث الفلاحية و معهد الغابات و المراعي بطبرقة و المدرسة الوطنية للطب البيطري...

وتعتبر هذه المكتبات مصدرا للأفكار و المقترحات و مجمعا للتجارب الفلاحية في البلاد التونسية منذ العهد الأندلسي أي ومنذ صدور " كتاب الفلاحة  لأبي زكريا يحيى بن محمد أحمد بن العوام " والراجع إلى القرن الثاني عشر.  جمع فيه مؤلفه كل نظرياته العلمية في   الزراعة والبستنة وتربية الحيوانات، ودعمها بموروث  التقاليد والممارسات في هذا المجال. كما  تختزل  هذه المكتبات و توثق تجربة الفلاحة منذ الاستعمار الفرنسي إلى اليوم.

فكما  عملت وزارة الفلاحة  ومنذ أمد طويل ومتواصل على إثراء بنوك المشاتل و البذور، حرصت  مؤسسة البحث و التعليم العالي الفلاحي من خلال منظومة بيرسا على تكوين بنك للمعلومات و للأفكار.  و كان ذلك في  إطار مشروع يهدف  إلى تحفيز بقية الوزارات للنسج على منواله بغرض خلق بوابة وطنية للمعلومات تتجمع فيها كل مجالات الاقتصاد و الطاقة و التجهيز و الثقافة والتربية ...

فبلدنا فلاحي بالأساس وتحقيق التنمية الناجحة  مرتبط  بتطور الفلاحة . فإذا تطورت الفلاحة بطريقة علمية، كما تهدف إلى ذلك مؤسسة البحث و التعليم العالي الفلاحين،  يتطور مستوى العيش  ويتحقيق الأمن الغذائى.  زد على ذلك فان ريعها يمكن أن يصل إلى الجهات التي ما يزال بعضها مهمشا حيث أن الفلاحة المتطورة يمكن أن تستوعب كل اليد العاملة العاطلة وخاصة الشابة منها. فهذه المنظومة ستكون فيصلا في مستقبل التنمية و النهوض بالأرياف و الجهات الداخلية و تحقيق هذا الهدف أمر ممكن جدا في السنوات القليلة القادمة.

ولان نجح مشروع المكتبة الرقمية BIRSA، ليتحول إلى منظومة بحث و تعليم العالي الفلاحي،  فذلك بفضل إيمان مؤسسة البحث و التعليم العالي الفلاحي به و تضافر جهود إطاراتها . ورغم كل ذلك لا توجد تغطية إعلامية كافية لاطلاع المواطنين التونسيين على مصادر المعرفة. فأساس  النهضة الزراعية المنشودة هو تطوير البحث  العلمي  الفلاحي لذلك ذهبت وزارة الفلاحة  و الموارد المائية و الصيد البحري  في  هذا الاتجاه أشواطا  مهمة غير مكشوفة أمام الإعلام.

ملاحظة : رأي خاص  لا يلزم  مؤسسة البحث و التعليم العالي الفلاحي .